اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة

تخيل ثلاث أي نساء في أي مكان في العالم. بإمكانهن أن يكن صديقة، إحدى المشاهير، أو حتى أحد أفراد الأسرة – واحدة من هؤلاء النساء الثلاث سوف تتعرضن للعنف القائم على نوع الجنس في حياتها، عادة. ولكن هذا لا يعني أننا لا نستطيع أن نفعل شيئا لوقف ذلك.

لقد بينت الدراسات أن العنف القائم على نوع الجنس واسع الإنتشار. حسب إحصائيات عالمية، تتعرض إمرأة من ثلاث نساء للعنف الجسدي أو الجنسي في حياتها، وتتعرض واحدة من خمس نساء التجربة لمحاولة الإغتصاب أو الإغتصاب. لا يُؤثر هذا العنف على النساء والبنات فقط وإنما يهدد مجتمعات بأكملها، يُعيق النمو الاقتصادي، ويُغذي العنف والصراع. أظهرت دراسة حديثة للبنك الدولي أن العنف دضد النساء يتسبب في تكاليف اقتصادية كبيرة تشمل تكاليف الرعاية الصحية، فقدان الدخل للنساء، انخفاض الإنتاجية وآثار السلبية عبر الأجيال.

تخيلوا التكلفة التي تترتب على الأسرة عندما لا تستطيع المرأة الذهاب إلى العمل لأنها تعرضت للأذى، أوالتكلفة التي تترتب على الإقتصاد عندما تتوقف المرأة المقاولة عن العمل لأنها مستهدفة. تخيلوا التكلفة التي تترتب على الطفل الذي قد يكون مصدوما، قد يتغيب عن المدرسة أو حتى يُحرم من وجبات الطعام والرعاية الأساسية لأن أمه غير قادرة على رعاية نفسها، ناهيك عن الأطفال. لأن العنف القائم على نوع الجنس يحدث على نطاق واسع، فإن تكاليفه ينجم عنه تأثير مضاعف.

يأتي العنف القائم على نوع الجنس في أشكال كثيرة، من العنف المنزلي إلى الإغتصاب والإعتداء الجنسي إلى الزفاف القسري والمبكر. ولكن يعتبر أي شكل من أشكال العنف هذه وصمة عار على إنسانيتنا المشتركة، وعائقا أمام السلام  والاستقرار، ودعوة للقيام بفعل بالنسبة لنا جميعا. العنف ليس حتميا ـــ وكل واحد منا بإمكانه فعل شيئ ما لوقف العنف.

حملة”16 يوما من النشاط (لمناهضة العنف القائم على نوع الجنس)” فرصة للجميع للعمل. كل 25 نوفمبر ــ اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة ــ تنطلق حملة 16″ يوما” وتستمر إلى غاية اليوم العالمي لحقوق الإنسان، 10 ديسمبر. هذه الحملة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تحُث الجميع على القيام بفعل – رجالا و نساءاَ وفتيانا وفتيات ومسؤولين حكوميين وقادة المجتمع. وحول العالم، الناس يقومون بأفعال في هذا الصدد.

هنا في الجزائر، تجمع المئات من الرجال والنساء في بداية الشهر الجاري تضامنا مع رزيقة شريف التي راحت ضحية العنف القائم على نوع الجنس عندم دهسها رجل بسيارته بعدما تجاهلت مضايقاته لها. لقد أظهر الجزائريون تضامنهم مع جميع ضحايا العنف. و أنا كسفيرة، أتقدم بخالص التعازي لعائلة رزيقة و نحن في السفارة الأمريكية نتضامن مع كل ضحايا جميع أنواع العنف  ضد المرأة و ندعمن.

في النهاية لن يتوقف العنف القائم على نوع الجنس إلا بإعطاء النساء والفتيات قيمتهن الكاملة في المجتمع وتمكينهن من المشاركة الكاملة. تلتزم الولايات المتحدة بأن تكون جزءاً من الجهود العالمية لمنع العنف القائم على نوع الجنس والإستجابة له. ونحن ندعو إلى مجتمعات توفر أماكن آمنة للناجيات و تكونهن مهنيا وتعمل على حشد القادة الدينيين و قادة الأعمال و المجتمع لوضع حد لمختلف أشكال العنف القائم على نوع الجنس. و هنا في الجزائر، نحن نرعى برامج تبادل لرفع مستوى الوعي والمساعدة في تمكين الناس للتصدي للعنف القائم على نوع الجنس. كما نناقش هذه القضايا مع صانعي القرار السياسي، بما في ذلك المشرعون الذين يدعون إلى وضع سياسات للقضاء على العنف ضد المرأة.  كما نُرقي الدور القيادي للمرأة خاصة من خلال المنح و التبادلات التي توفر  التدريب والإرشاد للنساء قصد تعزيز إندماجهن الإقتصادي وفرصهن.

لا أحد منا يمكنه فعل ذلك لوحده. العمل الجماعي وحده كفيل بوضع حد للعنف ضد المرأة. آمل أن نتمكن من دعم جميع الناجيات من خلال الإستماع إليهن و الإيمان بقدراتهن. يجب أن نعلم الرجال والفتيان أن يدعموا أخواتهم  وبناتهم وأمهاتهم، وأن يقفوا ضد العنف. تعزيز التمكين الإقتصادي والقيادة السياسية للمرأة. آمل أن نقوم جميعا، على حد تعبير السيدة الأولى ميشيل أوباما، بـ “التفكير في احتياجات النساء والفتيات في كل برنامج نبتكره و كل سياسة نصنعها وكل مشروع نتولاه”.