تـقرير كـتابة الـدولة الأمـريكية حـول الإتجـار بالـبشـر مـدونة الـسفـيرة جوان 2016

مع اصدار تقرير كتابة الدولة الأمريكية حول الإتجار بالبشر، أود أن أغتنم هذه الفرصة لشرح الغرض من التقرير الذي صدر مؤخرا و صيغته وأتطرق لموضوع الإتجار بالبشر و التقدم الذي حققته الجزائر لمحاربة هذه الجريمة وأوضح لماذا تعد محاربة هذه الجريمة العابرة للحدود أولوية أمريكية.

  التقرير السنوي حـول الإتجـار بالـبشـر:

تستخدم الحكومة الأمريكية تقرير كتابة الدولة حول الإتجار بالأشخاص لإشراك الحكومات الأخرى في حوار لمكافحة الإتجار بالبشر والمضي قدما في الإصلاحات. تحرير الضحايا ومنع الاتجار وجلب المتاجرين للمثول أمام العدالة هي الأهداف النهائية للتقرير ولسياسة الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة الإتجار بالبشر.  يُقيم تقرير الإتجار بالبشر جميع البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، يشأن جهود كل حكومة لمنع الإتجار وحماية الضحايا ومحاكمة المذنبين.

بناء على مدى جهود الحكومة للإمتثال ” للمعايير الدنيا للقضاء على الإتجار بالبشر” كما هو منصوص عليه في التشريع الأمريكي، يتم تصنيف البلد في واحدة من بين ثلاث مستويات. بالرغم أن المستوى الأول هو أعلى مرتبة، هذا لا يعني أن البلد ليست لديه أية مشكلة للإتجار بالبشر. بالأحرى، يشير ترتيب المستوى 1 إلى أن الحكومة اعترفت بوجود الإتجار بالبشر وبذلت جهودا كبيرة لمعالجة هذه المشكلة وامتثلت للمعايير الدنيا.  لا يهتم التقرير بعدد الأشخاص الذين هم عرضة للإتجار في أي بلد في العالم بل بالتدابير التي اتخذتها الحكومة أو لم تتخذها  لمكافحة الإتجار بالبشر.

  الجزائر تتطلع إلى المستقبل:  

وضعت الحكومة الجزائرية خلال العام الماضي الأسس الضرورية لدفع سياسة شاملة لمكافحة الإتجار بالبشر. لإبراز إرادتها السياسية لمكافحة هذه الآفة العالمية المشتركة، قامت الحكومة الجزائرية بإنشاء لجنة بين وزارية اعتمدت خطة عمل وطنية مفصلة لتوجيه جهود الحكومة. أنا على ثقة بأن هذه اللجنة ستحقق خطوات كبيرة في مجال مكافحة الإتجار بالبشر مباشرة مع بدئها تنفيذ خططها. ولا تزال الولايات المتحدة الأمريكية مستعدة للشراكة مع الجزائر بما أن دولتينا تعملان للتصدي لهذه الجريمة البشعة.

    ما هو الإتجار بالبشر … وكيف يختلف عن تهريب البشر؟ 

إن الاتجار بالبشر أو الإتجار بالأشخاص هو  تجنيد أو نقل أو حيازة أو بيع أو شراء شخص – بإستعمال القوة أو الإحتيال أو الإكراه – لغرض العمل القسري أو تجارة الجنس غير الطوعي. الإتجار بالجنس والإتجار الجنسي بالأطفال والعمل القسري والعمل الإستعبادي أو الإستعباد الديني أو العبودية المنزلية والعمل القسري للأطفال كلها أشكال مختلفة من هذا الرق المعاصر الذي يحدث في جميع بلدان العالم.

يُعد الإتجار بالبشر وتهريب البشر شيئان مختلفان بالرغم من التشابه في الظروف التي تؤدي إليهما. الإتجاربالبشر يستهدف على وجه التحديد أي شخص بهدف الإستغلال الإجرامي، وبالتالي فهو جريمة ضد شخص. إن الغرض من الإتجار هو تحقيق الربح من خلال استغلال الضحية عبراستخدام الغش أو القوة أو الإكراه – العناصر الرئيسية التي سوف تميز دائما الإتجارعن التهريب. على الرغم من أن الإتجار يُعد في كثير من الأحيان جريمة دولية تنطوي على عبور الحدود، غير أنه مصطلح مضلل لأنه من الممكن الإتجاربالضحايا داخل بلدانهم  ومجتمعاتهم المحلية أو منازلهم دون نقلهم. ضحايا الإتجار بالأشخاص ليسوا كلهم مهاجرين غير شرعيين، وبإمكانهم أن يكونوا من المواطنين أو المقيمين الشرعيين بالبلد الذي كانوا فيه ضحية للإتجار. يمكن اعتبار أي شخص ضحية للإتجار بالبشر بغض النظر إذا كان قد وافق مسبقا على العمل لصالح المتاجر أو شارك في جريمة كنتيجة مباشرة للإتجار به.

تهريب البشر هو النقل غير المشروع لشخص عبر الحدود الدولية مع انتهاك لقوانين دولة واحدة أو أكثر، وبالتالي فهناك جريمة ضد السيادة الحكومية. عادة ما يكون الأشخاص المهربون متواطئين في النشاط وغالبا ما يدفعوا مبالغ كبيرة من المال للمهربين نظير هذه الخدمة. كما يمكن أن يكون الأشخاص المهربون ضحايا جرائم أخرى مثل الإعتداء الجسدي أو الجنسي، وفي كثير من الأحيان، في نهاية الرحلة، يحتجزون كرهائن حتى يتم دفع الديون. فمن الممكن أن يصبح الشخص المهرب عند نقطة معينة ضحية الإتجار بالبشر.

 اهتمام حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، وريادة الأمم المتحدة:

عل المستوى الدولي، اعتمدت الأمم المتحدة اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية في نوفمبرعام 2000 فضلا عن ثلاثة بروتوكولات إضافية تشمل بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال. وقد حظيت هذه الوثائق بتأييد دولي واسع النطاق لمكافحة الإتجار بالبشر.

لقد صرح الرئيس أوباما في عام 2012 أن “مكافحة الإتجار بالبشر هي واحدة من القضايا الكبرى لحقوق الإنسان في عصرنا، وسوف تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في قيادتها لها”. تلعب مكافحة الإتجار بالأشخاص دورا مركزيا في السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية. قانون حماية ضحايا الإتجار بالبشر لعام 2000 ــ الذي جُدد وحُيِن عدة مرات ــ هو القانون الفيدرالي الأمريكي الذي يعالج الإتجار بالأشخاص. تعمل الحكومة الفيدرالية الأمريكية وحكومات الولايات والحكومات المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك المنظمات غير الحكومية معا لمنع الإتجار وحماية الضحايا وملاحقة المتاجرين. ولرفع مستوى الوعي بشأن الإتجار، أقر الرئيس أوباما في عام 2010 شهر جانفي شهرا وطنيا للوقاية من الرق ومنع الإتجار بالبشر في الولايات المتحدة الأمريكية.